مكتب استراتيجية الرقمنة

https://www.univ-soukahras.dz/ar/service/bsn

رسالة مفتوحة للأسرة الجامعية

 

رسالة مفتوحة

 للأسرة الجامعية

لا شك أن زملائي الأساتذة و العمال و أبنائي و بناتي الطلبة  هم أول من يعلم و أحسن من يدرك أن البلد تمر بمرحلة حاسمة تستوجب تضافر الجهود و التفاني أكثر في أداء العمل لكسب رهان المستقبل، و إني على يقين أن زملائي الأساتذة و العمال يدركون جيدا طبيعة مهنتهم و مدى ثقل الرسالة الملقاة على عاتقهم، لا سيما في ظل الظروف التي تمر بها جامعتنا: جامعة محمد الشريف مساعدية-سوق أهراس.

و إن كنت على ثقة تامة و يقين كبير بحرص كل أستاذ و عامل على أداء واجبه على أحسن وجه نظرا لإدراكهم لمقتضيات وظيفتهم التي تستلزم ذلك، إلا أنني أجد نفسي، و بحكم المهمة الثقيلة التي أسندت إلي (مدير الجامعة) ،أنه من واجبي تذكير زملائي بواجبهم و دعوتهم من جديد للتحلي بمثل الوظيفة و أخلاقياتها، و كذا دعوتهم لبذل جهد أكثر حتى نساهم معا في حركة التقويم و مسيرة الإصلاح.

و لقد برهن أساتذة و عمال جامعة سوق أهراس بمختلف الكليات و المعاهد و الأقسام و المصالح الإدارية في السنوات السابقة على مدى قدرتهم على البذل والعطاء والتحلي بالانضباط، و خير دليل على ذلك تخرج مئات الطلبة على أيديهم في مختلف التخصصات و الفروع، مما أهلهم للعمل في قطاعات مختلفة: تعليمية و اقتصادية و إدارية… و غيرها؛ فمنهم من صار أستاذا جامعيا يعمل بجامعات الوطن أو بجامعات كبرى خارجه ، و آخرون تقلدوا مناصب إدارية مهمة، شعارهم في عملهم العلم والتفاني في أداء عملهم النبيل. فأي شرف للأساتذة بعد هذا الشرف: إنهم يساهمون في بناء الإنسان و تطوير شخصيته و صقل معارفه و توجيه ميوله، و هي مهمة ثقيلة لا يدركها إلا من يعرف وزنها و قيمتها.

إن الثورة التي يعيشها العالم اليوم في مجال التكنولوجيا والمعلوماتية و العلوم الإنسانية و غيرها من العلوم تفرض علينا نحن الأساتذة و العمال بذل المزيد من العطاء والحرص عليه لنأخذ بيد الطلبة و نلقنهم مبادئ العلوم و المعرفة في شتى التخصصات بمنهج علمي و بطريقة موضوعية دَيْدَنُنَا الإخلاص و التفاني في العمل، يحذونا في ذلك قول الشاعر:

بِالْعِلْمِ يَبْنِي النَّاسُ مُلْكَهُمُ        لاَ يُبْنَى مُلْكٌ عَلَى جَهْلٍ وَ إِقْلاَلِ

إن هدفنا الأسمى هو إعادة الاعتبار لجامعتنا، و لن يتحقق ذلك دون السهر على بذل الجهود من الجميع وبخاصة الأساتذة؛ لأن الدور الرائد في مجال الإصلاح عُهد إليهم و المهمة الكبيرة في مجال التقويم أسندت لهم. فالجامعة قائمة بهم و بجهدهم؛ فهي منارة علم يُنتفع به في شتى ميادين المعرفة و العلوم دون إقصاء لأي تخصص؛ لأن العلوم مكملة لبعضها البعض. و بهذا الشعور و بهذه الخطوات والجهد نكون قد ساهمنا في إرساء معالم جامعة تنطبق عليها المواصفات العالمية.

و إذ أوجه هذه الرسالة لزملائي الأساتذة و العمال، يسعدني أن أعلمهم أنه زيادة عن المتابعة اليومية للجهد الجبار الذي بُذل من طرفهم لتصفية المخلفات البيداغوجية الناتجة عن الوضعية الاستثنائية التي عاشتها الجامعة في نهاية السنة الدراسية، فإن الإدارة المركزية للجامعة عازمة على فتح ملفات عديدة  متعلقة خصوصا: بالمسارات البيداغوجية، و أنشطة البحث العلمي، وسياسة الموارد البشرية، ونظافة الوسط الجامعي، والحرم الجامعي و محيطه، وضمان الجودة والاعتماد ومساهمة الجامعة في تطوير الولاية، مستضيئة في ذلك بتوجيهات و تعليمات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المُسداة خلال الندوة الوطنية للجامعات المنعقدة  بتاريخ1  أوت 2019،

ففيما يتعلق بالمسارات البيداغوجية، فلا بد من إجراء عملية تقويمية لمجمل التخصصات المتوفرة حاليا من أجل التوجه أكثر للتكوين التأهيلي formation qualifiante الذي يسمح للطالب، في مدة وجيزة، بالحصول على مهنة في مجال معين تتكيف مع مخرجات عالم الشغل، دون إغفال التكوين الأساسي formation diplômante الذي يحتاج لدراسات طويلة الأمد تؤدي إلى إتقان شامل لمجال معين من المعارف.

أما الملف الثاني الذي لا يقل عن الأول قداسة و نبلا، لكونه يتطلب منا السعي وبأقصى طاقة و جهد في البحث العلمي والمساهمة في تطويره ليعود نفعه على الجميع، سواء من الباحثين أو الطلبة لتستفيد منه مختلف القطاعات المعنية به. فالعمل، في هذا الإطار، سيرتكز على إنشاء آلية و خطة محلية لتعزيز الشراكة بين الباحثين والمحيط الاجتماعي-الاقتصادي، وتدعيم التعليم العالي لكونها قاطرة الاقتصاد الوطني.

أما فيما يتعلق بالموارد البشرية فإنه حان الوقت للوقوف على هذا الكنز البشري، غير المنظم و غير المُستغل، و الذي يحوز، دون شك، على كم هائل من المعارف و الخبرات و المهارات، من أجل تقييمه و إنصافه في التكوين و الترقية خدمة للفعل الإداري الجامعي.

في حين يخص الملف الرابع الأمن ونظافة الحرم الجامعي؛ فالأمن يُعد أولوية الأولويات لأنه ذو أبعاد متعددة و مترابطة، مما يتطلب منا جميعا وضع سياسة تختص بكل مُكون من مكونات الجامعة. فالطلبة يمثلون الشريحة الاجتماعية الأكثر عرضة للآفات المختلفة مما يستوجب منا العمل على وقايتها و تحصينها بجملة من النشاطات العلمية، والثقافية و الرياضية التي تعود بالنفع عليها،حيث تترك لهم حرية الاقتراح والتنفيذ. ويتمثل العنصر الثاني في الجامعة، في  هياكل التدريس والبنى التحتية الموزعة على عدة مواقع و التي تتطلب منا السهر على صيانتها بصفة منتظمة و دورية. فالمخابر البيداغوجية و مخابر البحث تحوي معدات و أجهزة علمية باهظة الثمن تتطلب من الأساتذة المختصين، والمهندسين و التقنيين تقديم الخبرة اللازمة من أجل تأمين سلامتها من كل المخاطر. في حين يقترن العنصر الرابع بالفضاء الرقمي الذي يُحتم علينا تأمينه أمام تسارع و تعاظم عمليات القرصنة و الاختراق و العبث الإلكتروني، حتى نُمكّن الأسرة الجامعية، دون خشية، من الوصول إلى المعلومة أو تلقيها بكل سلامة.

ومن الأدوات المُتاحة لحماية الجامعة و أهلها، تفعيل النظام الداخلي للمؤسسة و تحيين مدونة قواعد السلوك العامة من طرف مجلس أخلاقيات المهنة ” le conseil d’éthique et de déontologie” قصد إرساء قواعد حضارية تكون مُلزمة لجميع أعضاء الأسرة الجامعية،كما يجب التذكير بضرورة الحفاظ على السلامة الجسدية والمعنوية للأشخاص فضلاً عن حماية الممتلكات، وهي مسؤولية السلطات العمومية المحلية كذلك.

 فمن البديهي، أن السلامة “la sécurité” و النظافة ” l’hygiène ” هما وجهان لعملة واحدة، تساهمان في الحفاظ على السلامة الجسدية و البيئية؛ لذلك يجب الاعتناء بالمحيط الذي يعيش فيه الطلبة والأساتذة والموظفون و تزويده بوسائل الراحة مع تهيئة المساحات اللازمة للتعارف و العمل الجماعي.

         إن الجامعة هي الفضاء الفاعل في المجتمع، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن “نعزل” الحرم الجامعي عن محيطه و لا يمكن اعتباره منطقة منفصلة عنه ؛ فمن أجل مصالحة الجامعة مع محيطها، يجب القيام بمبادرات يبتدعها أهل الجامعة تخولها لتكون الأذن الصاغية’ والعين الناظرة و العقل المدبر للمجتمع، و من العوامل الأولية للمصالحة، تخصيص فضاء بالمكتبة الجامعية يكون مكان ترحيب بمثقفي و ساكنة الولاية للتزود من الكنوز المعرفية النائمة و غير المستغلة من أجل جعل الفكر والإبداع مجانيًا.

أما الملف الخامس المقرر تفعيله هو ملف ضمان الجودة، من حيث التقييم و الاعتماد؛ إذ يتعلق مفهوم ضمان الجودة (l’assurance qualité) بتحقيق درجة الرضا المرتبط بحسن الأداء التعليمي للطلبة المتخرجين مما ينتج عنه تميزا في علاقة الجامعة مع محيطها المحلي والدولي؛ فضمان الجودة يعد عملية دورية و ضرورية للتحسين و الرقيّ بأهداف و مخرجات التعليم العالي. انطلاقا من هذا المفهوم ، يجب إسناد هذا الملف للجنة من الخبراء، من جميع التخصصات الأكاديمية و البحثية، عالية المستوى في إدارة الجودة، تستعين في ذلك  بإجراءات وأدوات علمية معتمدة عالميا. و تكون هذه اللجنة مسؤولة عن تنظيم عمليات التقييم الداخليةauto-évaluation)) لمجمل نشاطات الجامعة من أجل التحسين المستمر لجودة التكوين في مختلف الأنشطة الجامعية. أما الاعتماد (l’accréditation) فهو عملية ضامنة لجودة العرض التكويني مقارنة بمستوى معرفي مرجعي معترف به، و بالتالي فإنه يُقر بقيمة الشهادة الجامعية ويضمن الاعتراف بها. و من خلال مفهوم الاعتماد، يمكن لهذه اللجنة أن تكون أداة للتأكد من قدرة المؤسسة على عرض و تنفيذ مسارات تكوين عالية الجودة، ومنه: إصدار الشهادات الوطنية. و لا يتم ذلك إلا من خلال سياسة تكوينية بارزة المعالم ترتكز على الموارد العلمية والبشرية والمادية و انفتاح الجامعة على بيئتها.

أما الملف الأخير، فيتعلق بوضع واجهة  (Interface) بين العالم الأكاديمي والمجتمع على شكل هيئة استشارية مؤلفة من باحثين وخبراء من عدة تخصصات علمية (الاقتصاد، علم الاجتماع، التهيئة العمرانية، المياه، الفلاحة، الصحة، التعليم، النقل،…)، يتم وضعها تحت تصرف المصالح الولائية التنفيذية و المحلية تساعدها و تضيء لها السبيل على إصدار تقارير وآراء حول مواضيع مختلفة متعلقة بالخيارات الإستراتيجية  للتنمية المحلية. و في مقابل الخدمات المقدمة، سيتمكن الأكاديميون من الاستفادة من البيانات والمعلومات والإحصاءات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وكذا النتائج المسجلة في جميع القطاعات المتاحة للولاية، وذلك في البحث التطبيقي ومحتوى التدريب.

و في الأخير، إنني أنتهز هذه الفرصة لأعلم الجميع أن أبواب المديرية مفتوحة لكل المبادرات و كل مشروع من شأنه خدمة الطالب و خدمة هذه الجامعة، و سيلقى منا كل المساعدة و الدعم. فليقم كل واحد منا بواجبه على أكمل وجه سواء في المدرج أو قاعة التطبيق أو المكتب الإداري لكي نكون جيلا باستطاعته التحكم في القدرات التكنولوجية والمساهمة في التنمية الشاملة للبلاد، و هذه رسالتنا و ذلك مقصدنا.

سوق أهراس في 07 ربيع الاول 1441 الموافق 04 نوفمبر 2019

 الأستاذ الدكتور عبد الكريم قواسميه

مدير جامعة محمد الشريف مساعدية – سوق أهراس

نسخة من الرسالة بصيغة pdf

Rissala maftouha