Résumé de section

  • Marqué

    العالم العربي ومجتمع المعلومات

    المحاضرة الرابعة:

    مقدمة:

    تسعى البلدان العربية بدرجات متفاوتة نحو بناء مجتمع المعلومات، وقد شهدت عمليات جادة لإطلاق إصلاحات اقتصادية واجتماعية وسياسية لبناء مجتمع المعلومات.

    ويمتلك العالم العربي مؤهلات لتأسيس قاعدة متينة في هذا المجال، وأهم عامل هو امتلاكه للطاقات الشابة، حيث أن نصف سكانه من فئة الشباب، ومن جهة آخرى يمتلك المقومات المالية اللازمة لإنشاء مثل هذه الصناعات، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هنا: أين العالم العربي من مجتمع المعلومات؟

    1- مفهوم مجتمع المعلومات من منظور عربي

    - كتب الباحث الفرنسي "أرمان ماتلار" قائلا: "إن مفهوم مجتمع المعلومات قد اكتسب طابعا بديهيا من دون أن يمارس المواطنون حقهم في النقاش حوله"

    - المفهوم جاء في القمة العالمية لمجتمع المعلومات المنعقدة بجنيف السويسرية في ديسمبر2003.(سبق ذكره) مضمونه ينطبق على المجتمعات التي بلغت تطورا كبيرا في صناعة المعلومات وتوزيعها ونشرها وتيسير إمكانية الوصول إليها، فكيف بالدول العربية التي لا تزال بعيدة إلى حد ما.

    - يجب أن نشير إلى أن مفهوم مجتمع المعلومات ولج خطابنا اليومي وألفنا وجوده دون أن نرى حاجة إلى إخضاعه للمساءلة الفكرية والثقافية (ما هو دوره، ماهو أثره، بعيدا عن كونه أمرا تقنيا وفقط).

    - ظل قطاع واسع من المجتمع الأكاديمي بما يضمه من نخب مثقفة وباحثين غير معني بالتفكير في المفهوم، مقارنة بأمور أخرى كالعولمة مثلا والذي حظي بإنتاج غزير حوله، وهذا لاعتبار المفهوم مسألة تقنية لا غير (خاصة في البداية).

    - يجب التأكيد على أن أي تفكير في مجتمع المعلومات ينبغي أن ينطلق من الوعي بالواقع العربي، إمكانياته، أولوياته، وحاجاته، هل من مصلحتنا كعرب إن نقبل بفكرة مجتمع المعلومات سلفا؟ أم نسعى لبناء مجتمعنا الخاص للمعلومات الذي يتوافق وواقعنا واحتياجاتنا؟ هل نشغل بالنا بالتفكير في اقتناء التكنولوجيات والأدوات أم في عقلنة وترشيد الاستخدامات؟

    - إن التصور الذي يحمله الساسة وأصحاب القرار في الوطن العربي عن مجتمع المعلومات موجه للاستهلاك الخارجي ولا يخرج عن التسويق السياسي، ولأن مجتمع المعلومات يشير إلى تلحداثة والتقدم، فلا ينبغي أبدا الظهور بمظهر المتخلف عن الركب، ومن هذا عمدت مختلف الحكومات العربية إلى إنشاء وزارات للتكنولوجيات الجديدة أو تغيير التسميات القديمة ( تحضيرا للدخول إلى عصر المعلوماتية).

    - التصور السياسي يختزل مجتمع المعلومات في جانبه أو شكله التقني المحض، أي في إقامة البنية التحتية في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال. (التخوف من الانعكاسات على المجتمعات العربية: دمقرطة الحياة السياسية، وحرية الإعلام.

    - اختزال مجتمع المعلومات في جملة من المؤشرات التقنية: مسألة انتشار الحواسيب والهاتف والارتباط بشبكة الانترنت ( رغم أنها مهمة يجب عدم الاكتفاء بها)

    - يجب التمييز بين النفاذ إلى الانترنت التي هي مسألة تقنية، وبين الاستخدامات المترتبة عن هذا النفاذ (الشروط القانونية، والتنظيمية والتجارية)؟

    2- موقع الدول العربية من مجتمع المعلومات

    يعتبر العديد من الباحثين أن الدول الخليجية تُعتبر استثناء فريدا في هذا المجال، وعلى رأسها دولة الإمارات التي يُجمع جل الباحثين على أنها قد ولجت فعلا إلى مجتمع المعلومات نتيجة لتهيئتها كل الظروف الملائمة لذلك، من إنشاء للبنى التحتية الخاصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصال، وتوفير البيئة الخصبة للنفاذ الرقمي للمعلومات.

      يحدث هذا في الوقت الذي مازالت تعتمد فيه بعض الدول العربية في اقتصادها على قطاعي الزراعة والصناعة، ولم تتمكن حتى الآن من التحول إلى مجتمع المعلومات، والذي صار الدخول إلى القرن 21 من دونه ضربا من الخيال.

    3- عوائق اندماج الدول العربية في اقتصاد المعرفة

    • ضعف إمكانيات البحث والتطوير العلمي والتكنلوجي نتيجة ضعف الاهتمام بالبحوث العلمية وضعف الإنفاق عليها.
    • عدم توفر البيئة الاجتماعية المناسبة والمشجعة لتوليد التقنيات المتقدمة، واستخدامها بكفاءة، نظرا لضعف الحوافز الاجتماعية.
    • توظيف تكنلوجيا المعلومات والاتصال في الوطن العربي توظيف ترفيهيا استهلاكيا،  لا توظيفا تنمويا.
    • هجرة الأدمغة والكفاءات تمثل نزيفا حقيقيا يُكبد البلد الأصلي خسائر اقتصادية جد معتبرة، وبالتالي لابد من اتخاذ قرارات عملية لاسترجاع تلك العقول المهاجرة والحفاظ على التي لم تهاجر، من خلال توفير الظروف الملائمة التي تُهيء لهذه الطاقات البيئة المناسبة للعمل والإبداع.

    • المحاضرة الخامسة

    4- أسباب الفجوة الرقمية بين الدول العربية

    إن هذه المشكلة قد تبدو في ظاهرها معاصرة إلاأنها في الحقيقة ليست وليدة اليوم، فجذورها ممتدة وأسبابها عديدة؛ منها مايعود إلى عقود كثيرة خلت، ولعل أهم أسبابها:

    1- السبب التاريخي:

    إن التاريخ الحديث يشهد أن معظم الدول العربية إن لم نقل كلها لم تنج من قبضة الاستعمار، غير أن طبيعة هذا الاستعمار تختلف من دولة إلى أخرى، ففي الوقت الذي كان الاستعمار البريطاني لمصر على شكل وصاية، كان الاستعمار الفرنسي للجزائر استيطانيا، كما أن بعض الدول العربية انتزعت استقلالها مبكرا في حين تأخرت الدول الأخرى في ذلك، كل هذه العوامل كانت نقطة البداية التي خلقت فجوة تنموية بين الدول العربيى تحولت إلى فجوة رقمية ومعلوماتية فيما بعد.

    2- الفجوة الاقتصادية والمالية:

    بين الدول العربية هناك دول غنية تستطيع اقتناء أحدث نظم تقنيات المعلومات والاتصال، وأخرى فقيرة تنظر إلى تقنية المعلومات والاتصالات كرفاهية علمية غير مطلوبة قبل توفير الغذاء والسكن لشعبها.

    3- مشكل اللغة

    فهناك دول عربية فرانكوفونية مثل المغرب، تونس والجزائر تتعامل مع الانترنت باللغة الفرنسية، وهناك دول أخرى أنجلوساكسونية تتعامل باللغة الإنجليزية، وإذا علمنا أن 80% مما ينشر على شبكة الانترنت يكتب باللغة الإنجليزية، وأن اللغة الفرنسية لا تمثل سوى 2% من المحتوى المعلوماتي في الإنترنت، فإن اللغة في هذه الحالة تكون سببا في توسيع الفجوة المعلوماتية بين الدول العربية.

    5- نماذج عن سياسات واستراتيجيات تكنلوجيا المعلومات والاتصالات في الدول العربية

    1- مصر

    أدركت مبكرا قبل انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات (جنيف 2003) أهميةتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث أنشأت وزارة للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في عام 1999 (نشر التكنولوجيا، استخدامها بفعالية، تطوير المرافق البحثية...

    2- الإمارات

    في سنة 2005 وضعت خطة للانتقال إلى مجتمع المعلومات، كما حلت في مراتب متقدمة بين الدول العربية بحسب المؤشرات العالمية المتعلقة بالجاهزية الشبكية واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، من المشاريع الضخمة التي نفذتها إنشاء مدينة دبي للانترنت وأيضا مدينة دبي للإعلام، وفيها قرية المعرفة، اللتين جعلتا من هذه الدولة مركزا للابتكار في المنطقة.

    3- تونس

    أطلقت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكنولوجيا المعلومات والاتصال في عام 2013 المخطط الاستراتيجي الوطني لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصال، يهدف هذا المخطط إلى تسخير التكنولوجيا الرقمية لدفع عجلة التنمية في مجالات عدة كالصحة والتربية والتعليم ويشمل ستة محاور: البنية التحتية للاتصالات، الإدارة الإلكترونية، المعاملات الإلكترونية، والخدمات عن بعد...

    المحاضرة السادسة

    4- الجزائر

    - تم إصدار قرار تحرير تكنولوجيا المعلومات والاتصال في الجزائر سنة 2000 حيث حظي هذا الأخير بالعديد من الإصلاحات أهمها إنشاء سلطة ضبط البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية سنة 2001.

    - كذلك قامت الجزائر سنة 2005 بإطلاق برنامج " أسرتك" لدعم البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصال، وكانت تهدف من خلال البرنامج إلى بيع 5 ملايين جهاز كمبيوتر في نهاية 2010 لكن البرنامج وجد عجزا منذ البداية وتم بيع 25 ألف جهاز فقط مع نهاية 2008.

    - زيادة الطلب واستيراد أجهزة الكمبيوتر حيث  وصلت إلى حوالي 4 % من إجمالي الواردات سنة 2013 مقارنة بسنة 2010 التي كانت 2.96%.

    - بالرغم من أن الجزائر كانت السباقة لإدخال خدمة الانترنت عام 1993 عن طريق  ceristمركز البحث  للمعلومات العلمية والتقنية 

    وهو مركز للأبحاث تابع للدولة الجزائرية، ومع صدور مرسوم 1998 الذي أنهى احتكار خدمة الانترنت من الدولة وسمح للشركات الخاصة بتقديمها ، إلا أنه وبعد مرور سنوات طويلة لازالت الجزائر بعيدة عما يقدم في البلدان الأخرى بسياسة مبنية على تخفيض الأسعار دون أدنى أثر على الخدمات ولاسرعة الإنترنت التي لاتزال رديئة وتتخبط بين سوء الخدمة والانقطاعات المتكررة التي تستنزف الأموال وتهدر المصالح.

    - صنف تقرير للمنتدى الاقتصادي الدولي حول التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال الجزائر في مرتبة متأخرة من حيث استخدام التكنولوجيات حيث احتلت المرتبة 11 عربيا وهذا التصنيف يؤكد فشل السياسات التي اعتمدتها الجزائر خاصة برنامج (كمبيوتر لكل عائلة) وأجمع المختصون في هذا المجال على أن المشكل ليس في أسعار الانترنت وإنما في المحتوى، فغياب محتوى جزائري محض على شبكة الانترنت يجعلها تكنولوجيا تستعمل فقط للترفيه واللعب.

    6- أولويات بناء مجتمع عربي للمعلومات ( الأمور الواجب مراعاتها)

    - أولوية انتاج المعلومات على استهلاكها، والتخلي عن عقلية الزبون المستهلك.

    - أولوية المجتمع على المعلومات، يعني ذلك أن الأمر لا يتعلق بالمادة فقط أي بالمعلومات كمادة خام، وإنما بضرورة بناء محيط ثقافي واجتماعي وسياسي يؤمن بالمعلومة ودورها في الحياة اليومية للمجتمع.

    - أولوية الاستخدام على الاستيراد للتكنولوجيا، بدل التباهي بتعميم التقنيات الجديدة في المصالح الإدارية والعلمية لابد من ترشيد استخدامها في الاتجاه الصحيح.

    انتهى...