شروحاتغادر

المبحث الثاني التنظيم القانوني للسندات التجارية الالكترونية

لم تعتمد القوانين والتشريعات العربية على إيجاد قانون خاص يحكم الأوراق التجارية الإلكترونية، لامتداد أحكام القوانين التي تنظم الأوراق التجارية التقليدية على الإلكترونية، وبقي التضمين ضمنيا فقط بإخضاعها لنفس الحجية القانونية التي تتمتع ا السندات التجارية التقليدية. 1 فضمنيا اتضحت نية المشرع الجزائري في إضفاء الرقمنة على الأوراق التجارية في نص المادتين 414 و502 2 من القانون التجاري، حيث أجازتا تقديم كل من السفتجة، والشيك بأية وسيلة تبادل إلكترونية محددة في التشريع والتنظيم المعمول ما، وهو الأمر الذي يظهر اعتراف ضمني للمشرع الجزائري باعتماده الأوراق التجارية الإلكترونية، كما أن اعتماد المشرع على الكتابة الإلكترونية بموجب المادة 323 مكرر01 من القانون المدني 3 يعد انطلاقة حقيقة فتحت اال واسعا لاعتماد المعاملات الإلكترونية كبديل للمعاملات التقليدية بحكم العصرنة، ولم يقف الأمر عند هذا، فبالرغم من تأخر المشرع في اعتماده الموقف الصريح بشأن المعاملات الإلكترونية، كان إصداره لكل من القانون -15 4 04 المتعلق بالتوقيع الالكتروني 5 ، وكذا القانون 05-18 المتعلق بالتجارة الالكترونية أحد أهم ما استطاع أن يدفع به اللبس حول المعاملات الإلكترونية، فيما يبقى النص الصريح الذي يترجم أحقية الاعتماد على الأوراق التجارية الإلكترونية منعدم وغير موجود لحد الآن، وهو ذات الموقف الذي تبناه المشرع التونسي والمغربي، فضمنيا اتضح موقفهم من خلال كل من مدونة التجارة، وقانون الالتزامات والعقود المغربي، في إضفاء الحجية ذاا التي تتمتع ا الأوراق التقليدية بالموازاة مع الأوراق الإلكترونية، كان أول خطوة قام ا المشرع المغربي في ذلك، استتبعها كل من المادتين 6 329 من مدونة التجارة ، والمادة 417 من قانون الالتزامات والعقود 1 ، ليصدر فيما بعد قانون -05 53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية المغربي ، الذي أقر بالحجية الكاملة للوثائق المحررة في شكلها الإلكتروني، فلم يمنع 3 التعامل من الناحية القانونية ذه الوسائل المتطورة ، ليحذو المشرع التونسي حذوهم في كل من الة التجارية التونسية 4 في المادتين 294 و 373 ، ومجلة الالتزامات والعقود 5 ، وكذا قانون المتعلق بالمبادلات والتجارة الإلكترونية التونسي 6 . وهو الآخر أقر ذات الحجية المقررة للكتابة العادية على الوثيقة الإلكترونية، كانطلاقة أولية ضمنية نحو العمل بالأوراق التجارية الإلكترونية، وبحسب رئينا مدام أن المشرع أقر بحجية الكتابة الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني في التشريعات الثلاثة فلا مانع من وجود تطبيقها على الأوراق التجارية الإلكترونية واعتمادها كوسيلة وفاء إلكترونية بديلة ومتطورة عن الأوراق التجارية التقليدية، وبالتالي إعطائها ذات الحجية التي تتمتع ا نظيرا التقليدية. لينفرد المشرع العراقي بتنظيم أحكام الأوراق التجارية الإلكترونية ضمن قانون التوقيع الإلكتروني، الذي نص بصريح العبارة في المادة 03 منه" تسري أحكام هذا القانون على..... الأوراق المالية والتجارية الالكترونية." كما خصص الفصل السادس من ذات القانون تحت عنوان "الأوراق المالية والتجارية الإلكترونية"، بمادتين أخضع من خلالهم الأوراق التجارية الإلكترونية لذات الأحكام التي تسري على الأوراق التجارية التقليدية، وأضفى عليها ذات الحجية المقرر لمثيلتها الورقية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، كما أخضع إنشائها بطريقة إلكترونية لضابطين اثنين 1 أوردم المادة 22 منه . ونحن بدورنا نستحسن موقف المشرع العراقي بموجب هذا القانون، حيث بتبنيه الموقف الصريح، استطاع أن يبرز حقيقة تطبيق القواعد التقليدية على الإلكترونية بشكل من شأنه أن يرفع اللبس حول اعتماد العمل ا، فما تضمنه قانون التوقيع الإلكتروني العراقي سهل عملية تطبيق أحكام الأوراق التجارية التقليدية على الإلكترونية بالموازاة مع الغموض الذي اكتنف التشريعات العربية المغايرة، إذ تبقى المواد 414 و502 من القانون التجاري الجزائري و323 مكرر01 من القانون المدني، وكذا المادتين 294 و 373 من الة التجارية التونسية، والمادتين 329 من مدونة التجارة المغربية و 417 قانون الالتزامات والعقود المغربي، أقرا صراحة بإمكانية الوفاء إلكترونيا.وكذا ما تم النص عليه بشأن الكتابة الإلكترونية وبالتالي إعطاء ذات الحجية التي تتمتع ا الورقة التقليدية على الإلكترونية ليبقى التقصير التشريعي إن صح القول قائم مادام النص الصريح غائب ومدام التفعيل العملي لهذه الأوراق غير معتمد، ولتبقى مجرد إسقاطات تفتقر للسند القانوني لها في التشريعات العربية مضمون الدراسة باستثناء قانون التوقيع العراقي وحده من استطاع أن يزيل نوعا من الغموض بشأا. إلا أن ما لا يجب إغفاله في هذا الصدد هو مشكل تسميتها بالأوراق التجارية الإلكترونية ذا المسمى، وهو الأمر الذي لم نجد له تفسير، فبالرغم من اعتبار أن الأوراق التجارية الإلكترونية ما هي إلا صورة متطورة عن الأوراق التجارية التقليدية 2 ، إلا أن تسميتها تبقى محل خلاف أثار حفيظة العديد من الباحثين في اال التجاري، بيد أن الاختلاف بين التسمية والمضمون شيء لا يمكن تجاوزه، لأن الأوراق التجارية تعبر تسميتها عن ذاا بصدورها في شكل ورقي فأطلق عليها اصطلاح الورق، أما القول بالأوراق التجارية الإلكترونية، فهنا يثار نوع من الخلاف واللبس يستشعر من دلالة المصطلح فلا يتصور لشيء أن ينشأ ويصدر إلكترونيا أن يصطلح عليه بالورق، بحكم أنه يأخذ حكم 3 الإلكترونيات والذبذبات، والمغناطيس الذي تكونت منه ، حتى وإذا سلمنا بالطرح القائل أن الأوراق التجارية الإلكترونية تصدر في نوعين منها ما هو إلكتروني ورقي، ومنها ما هو ممغنط، وأضفينا صفة الورق على النوع الأول، فالنوع الثاني لا يمكن الجزم حول صحته، فالأوراق التجارية الإلكترونية الممغنطة يختفي معها صفة الورق بصفة كلية لا مجال للاختلاف حول صدورها ورقيا، إذ البحث في معنى كلمة ممغنط نجدها تبتعد كل البعد عن مفهوم الورق ، فهل يعقل أمام هذا الاختلاف أن نجدها في صورة ورق هذا من جهة، من جهة ثانية عدم تمكنها من القيام بباقي العمليات التي من شأا أن تقع على الورق وذا الأمر يبقى التساؤل مرفوع حول لماذا يطلق على تسميتها بالورقة؟ -2 الوظائف التي تؤديها الأوراق التجارية خصت السندات التجارية بوظائف ميزا عن باقي أنواع السندات المعروفة في الوسط الاقتصادي، والتجاري حيث جعلت منها أداة تقوم مقام النقود في الصرف، وأداة وفاء بالديون التجارية، وائتمان جسدت بلغة أخرى نوعا من نظرة الميسرة المفقودة في الوسط التجاري، لحقيقة عاملي السرعة والائتمان المطلوبان دائما في البيئة التجارية، فحقيقة هذه الوظائف مورست بظهور أول نوع من هذه السندات "الكمبيالة"، والاتفاق على ممارستها جميعا لهذه الوظائف على حد سواء أمر لا يمكن الجزم حول صحته، فمنها ما يعد أداة وفاء وائتمان في ذات الحين، ومنها من ينفرد بوظيفة الوفاء وحدها، وحتى تمارس السندات التجارية هذه الوظائف بطريقة تضمن تداولها عن طريق نقل الحق الثابت فيها، إلا أن نسبية أو إطلاق ممارسة السندات التجارية لهذه الوظائف في ظل التحديث الرقمي الطارئ عليها أمر مختلف فيه بسبب تراجع دورها والعمل ا في الوسط التجاري خصوصا في ظل تقليص الاعتماد عليها بين التجار

. 1-2 الوظائف الاقتصادية للأوراق التجارية التقليدية

تشترك الأوراق التجارية الثلاثة في تنفيذها لعقد الصرف وممارستها لوظيفة الوفاء، إلا أن وجه الاختلاف يبقى قائم متى تحدثنا عن وظيفة الائتمان التجاري التي تبرز ما يسمى بالأجل القصير، وهو الأمر الذي لا تشترك فيه جل الأوراق التجارية، إذ الشيك أحد الصور التي لا يمكن أن تظهر فيها صورة الائتمان بالمقارنة مع السفتجة وسند لأمر

. -1-2 1 وظيفتي الوفاء والائتمان

أولا : وظيفة الوفاء والائتمان تعد الأوراق التجارية أداة وفاء تقوم مقام النقود في تأدية مهامها بغض النظر عن نوع الورقة التجارية (سفتجة 2 كانت أو سند لأمر، أو شيك) ، ويتحقق هذا الوفاء بتحرير الورقة التجارية عن طريق إحالة الدائن للمدين لاستيفاء

دينه منه فمن خلالها يستطيع كل مدين أن يحول دائنة لمدينه كي يقوم هذا الأخير بالوفاء ، وحتى تتحقق هذه الوظيفة استوجب الأمر تحقق شرطيين: الأول هو سهولة تداولها بالطرق التي تكفل انتقال الحق محلها بما يتناسب ومبدأي السرعة، والائتمان التجاريين وبعيدا عن طرق انتقال الحق المدني، ويتحقق ذلك عن طريق التظهير إذا كانت الورقة لإذن أو لأمر، أو عن طريق التسليم والمناولة إذا كانت لحاملها، أما الشرط الثاني فيتحقق متى استطاع استعمال هذه الأوراق أن يزرع الثقة والطمأنينة لدى حامل الورقة التجارية من خلال استيفاء قيمتها في ميعاد استحقاقها 2 . ثانيا: وظيفة الائتمان يعد الائتمان عامل أساسي في المعاملات التجارية بصفة عامة كون أن المعاملات التجارية تقاس بمقياسي السرعة والائتمان، وتعتبر الأوراق التجارية أداة ائتمان كونها تحقق الائتمان قصير الأجل، فيعرف عادة على أنه الأجل 3 الذي يمنح للمدين لسداد دينه ،إلا أن هذا الشرط يقع نسبي إذا لا يشمل كافة الأوراق التجارية فباستثناء السفتجة والسند لأمر، فإن الشيك لا يتحقق معه الائتمان لأنه واجب الدفع بمجرد الإطلاع ولا يجوز تضمينه بأجل معين للدفع 4 ما لم ينص القانون على ذلك . -1-2 2 وظيفة الصرف يعرف عقد الصرف على أنه"هو تصرف قانوني يتم بموجبه تبادل عملة بلد ما بعملة بلد آخر" 5 ، فبالرجوع إلى التطور التاريخي للأوراق التجارية نجد أن حاجة التاجر الماسة إلى ابتداع طرق بديلة تغنيه عن حمل النقود خصوصا في سفره، تقيه من مخاطر الطريق استلزمت ظهور ما يسمى بالكمبيالة كأول أداة مكنت التجار من تسيير وتسهيل معاملام دون حمله للنقود وبذلك تسهل عملية الصرف، تعد الأوراق التجارية أداة لعقد الصرف لازمتها هذه الوظيفة 6 منذ نشأا في صورة كمبيالة ، انتشر العمل ا في إيطاليا خلال القرنين 12 و 13 كوسيلة بديلة لنقل النقود داخل

المدن الإيطالية أو خارجها ، حيث كان يقوم الشخص الحامل لها بإيداعها لدى مصرف معين بالمقابل يتلقى هو مقابل 2 ذلك ورقة تسمى برسالة الوفاء . 2-2 أثر رقمنة الأوراق التجارية على وظائفها لا تختلف الوظائف الاقتصادية التي تؤديها الأوراق التجارية في صورا العادية الورقية، في كوا أداة لتنفيذ عقد الصرف، تفي بالديون، وفق أجل قصير يمنح عادة لحاملها سوى في صورة الشيك، فبالرغم من اشتراكه الوظيفي معها في كونه أداة صرف ووفاء بالديون، إلا أن وظيفة الائتمان لا تتحقق في هذه الصورة، الأمر الذي يدفعنا إلى البحث عن مدى أحقية ممارسة الأوراق التجارية الإلكترونية للوظائف الإقتصادية المعهودة لنظيرا التقليدية في فرعيين اثنين، الأول عالجنا فيه مدى استيعاب الأوراق التجارية الإلكترونية للوظائف الاقتصادية، فيما تطرقنا في الفرع الثاني لمبررات التحديث الرقمي على الأوراق التجارية. -2-2 1 مدى استيعاب الأوراق التجارية الإلكترونية للوظائف الإقتصادية أولا: القول بأن الأوراق التجارية الإلكترونية أداة لتنفيذ عقد الصرف وتبادل النقود شأا في ذلك شأن الأوراق التجارية التقليدية، أمر غير مختلف حول صحته بدليل أن وجود كلاهما لا يخرج عن أما وسيلتان لتنفيذ عقد الصرف، 3 وأداة ابتدعتها المصارف الفرنسية لتفاقم المشاكل التي أضحت ممارسة السندات التجارية التقليدية تخلفها . ثانيا: التسليم بأن الأوراق التجارية الإلكترونية أداة وفاء، والوفاء يتحقق متى استطاعت هذه الورقة أن تفي بالديون محلها أو التي في ذمة حاملها، وقد تم طرح شرطيين اثنين أعلاه من خلالهم تتمكن الأوراق التجارية أن تحقق الوفاء المطلوب وهو سهولة تداولها إما عن طريق التظهير، أو التسليم والمناولة يدا بيد، فهل يمكن للأوراق التجارية الإلكترونية أن تتداول بطريق التظهير أو المناولة؟ حسب رئينا لا يمكن أن يتحقق تداول الأوراق التجارية الالكترونية عن طريق المناولة يدا بيد بحكم أن طبيعتها الالكترونية لا تسمح بذلك، أما بشان تداولها عن طريق التظهير بالرغم من أن استيعاب هذا الأمر مستصعب نوعا ما بحكم أن التظهير يكون على ظهر الورقة التجارية مما يوحي الأمر إلى إيجاد ورقة ذو طابع مادي ملموس، إلا أن إمكانية القيام بذلك إلكترونيا لا مانع منه متى تحققت الوسائل الخاصة بذلك.

ثالثا: الأوراق التجارية الإلكترونية أداة ائتمان، والائتمان المطلوب في الأوراق التجارية كما ذكرنا سابقا 1 يتحقق متى استطاعت هذه الأوراق أن تمنح الثقة للمتعاملين ا وهذه الثقة تستمد منها الورقة التجارية قوا القانونية ، ومن جهة ثانية الأجل الذي يمنح للحامل، والبحث عن الائتمان في الأوراق التجارية يختلف بحسب نوعها، فالشيك لا يمكن له أن يحقق الائتمان بمفهوم الأجل القصير كونه مستحق الدفع بمجرد الإطلاع، فآنية الدفع أو الاستحقاق جعلت منه أداة وفاء فقط، ولكن اختلاف الأمر كان واضح الاتفاق عليه بشأن كل من السفتجة، والسند لأمر كوما يحققان الائتمان بمفهوم الأجل القصير على أوجه ولأما مستحقا الدفع بمجرد الإطلاع، أو بعد مدة من الإطلاع، أو في تاريخ معين من الإطلاع، فهل هذا الأمر ممكن الأخذ به في الأوراق التجارية الإلكترونية مع كل من الشيك الإلكتروني والسفتجة الإلكترونية، والسند لأمر الإلكتروني؟ في حقيقة الأمر هذا التفسير لا يجد له مبرر فالخصوصية الإلكترونية لهذه الأوراق خصوصا في جزئيتها الممغنطة جعل منها مستحقة الدفع بمجرد الإطلاع شأا في ذلك شأن الشيك الإلكتروني فعامل الأجل يختفي فيها مما يجعل وظيفة الائتمان تضعف فيها، إذ تكاد تكون معدومة في الأوراق التجارية الإلكترونية بدليل أن الائتمان يتحدد بتاريخ الاستحقاق وقد حدد في الأوراق التجارية الإلكترونية بتاريخ واحد مما يعني 2 أنه محكوم بآلية التعامل الصرفي الإلكتروني . خلاصة القول أن الأوراق التجارية الإلكترونية تمارس نفس الوظائف المعهود ا لنظيرا الورقية، ولكن دورها الائتماني تراجع نسبيا، بالنظر للتعارض الذي خلفه الجانب الإلكتروني لها مع المضمون الشكلي المطلوب في نظيرا الورقية

. -2-2 2 مبررات التحديث الرقمي على الأوراق التجارية

في ظل رقمنة القطاع التجاري كان من المتطلب البحث عن أدوات تتماشى والرقمنة، فتحديث الأوراق التجارية هو ليس بالشيء الجديد بقدر ما هو امتداد لما اشتملته الأوراق التجارية التقليدية، ولكن بطريقة إلكترونية فكان من أهم المبررات التي دفعت إلى تصويب العمل ا واعتمادها في الوسط التجاري. - الحد من النفقات الكبيرة في استخدام الأوراق المتعامل ا في الدوائر المالية والإدارية في معاملاا 3 . - ضرورة الاستفادة من الوسائل المعلوماتية الحديثة خاصة في ظل وجود الحاسب الآلي للمقاصة