رحلة الآداب بين الأدب العربي والأدب الفارسي

ملامح تأثير العرب والمسلمين والأدب العربي في الأدب الفارسي

القاموس العربي

- أهم ملامح التأثير المفردات والألفاظ العربية مثال من دستور الوزراء لخندمير في الحديث عن أبي على بن مقلة "در سلك أكابر وزراى عظام وأعاظم فضلاى لازم الاحترام سمت انتظام داشت، ودر أیام دولت وأمثال وأوان وزارات واستقلال رایت جود وسخاوت برا فراشت"والنص ألفاظه كلھا عربیة "انتظم في سلك أكابر الوزراء العظام وأعاظم الفضلاء ذوي الاحترام ورفع رایة الجود والسخاء في أیام العز والإقبال وأوان الوزارة والاستقلال".

الرسائل الديوانية والإخوانية

- في الرسائل الديوانية والإخوانية حاكى الفرس بلغاء الكتّاب وظهرت هذه المحاكاة في الرسائل الديوانية على غرار رسائل "عبد الحميد بن يحيى" المعروف بالكاتب وخلفائه، فترى بصماتهم ظاهرة على كتابات الفرس، حتى الكتب التاريخية، ويظهر هذا أكثر في كتاب "التوسل إلى الترسل" لبهاء الدين محمد في القرن الخامس الهجري، وكتابات "أبي الريحان البيروني" المتأثرة بالعلوم العربية المختلفة والتي كتبها باللغة العربية حتى ظنّ أنه لا يعرف الفارسية، وتأثره بالمذهب الشيعي، كما تأ ثّر أيّما تأثير بالنثر الفني. (2)[1]

المقامات

- وفي المقامات حاكى الفرس العرب فنّ المقامة الذي ارتقى على قلم "الحريري"، وحاولوا اقتفاء أثره ولم يلحق به أحد، وخالفوا المقامات العربية في عدّ ة أمور منها:

- لا يستندون على شخص معيّن كما كان 'بديع الزمان' يروي عن عيسى بن هشام، و'الحريري'يروي عن الحارث بن همام

- مقاماتهم لا تدور حول بطل معين كما دارت مقامات البديع عن أبي الفتح الإسكندري، ومقامات الحريري على أبي زيد السّروجي

- تحتلّ شخصية المؤلف المكان الأول، إذ يروي الأحداث عن كثير من أصدقائه لم يذكر أسماءهم، وتعدّد الأبطال في مقامته وتغيّر أحوالهم. (3)[2]

الشعر

- يُجمع المؤرخين أن الشعر الفارسي ظهرت بوادره الأولى بعد الإسلام سنة 180 ه، في هجاء أهل خراسان لواليها "أسد بن عبد الله القسري" بعد هزيمته من أمير ختلان وخاقان الترك'.

- ومنذ أواخر القرن الثاني وبداية الثالث الهجري، وبقيام الدويلات الفارسية المستقلة بدأ الفرس يحاولون تقليد العرب في أشعارهم ويستعينون باللغة العربية ومفرداتها وتعابيرها

- ويقتبسون من القرآن الكريم والأحاديث النبوية،والحكم والأمثال العربية

- كما قلّدوا العرب في بحور الشعر واستحدثوا منها صورا.

- و اقتبسوا من شكل القصيدة العربية ومضمونها، وعلى شكل المعلقات، وأخذوا المصطلحات العروضية عن العرب، كالأوتاد والفواصل والأسباب وغيرها،والأخيلة والصور والتشبيهات والمعاني والمضامين

- ولقد ظهر التأثير العربي في إنتاجاتهم الأدبية جليا،منه ما قيل من شعر في المناسبات الدينية

- ولم يكن عيبا أن يستمد شاعر من آخر أو يستخرج معنى من معنى، بل كان أمرا مألوفا دعت إليه الضرورة عند الشعراء الفرس خاصة، ومن المتأثرين بالأدب العربي 'الأسد الطوسي' الذي اشتهر بالملاحم والمناظرات المنظومة، كملحمة "كرشاب نامه" التي جاء فيها ما معناه: "

من بسمة الملك لا ينبغي أن تشجع القلوب فما تبسّم الليث وهو كاشر عن النّيوب (4)[3]

فلقد أخذ القول عن الشاعرين "المتنبي" و"أبي تمام،من ذلك قول المتنبي:

إِذَا نَظرْتَ نُيُوبَ اللَّيْثِ بَارِزةً فَلَا تَظُنَّنَ اللَيْثَ مُبْتَسِمُ

- وكان لشعراء العرب تأثیرھم على شعراء الفرس ،ومن ذلك أثر أبي العلاء في الخیام إذ یبدو أن روح الشك والتشاؤم عند أبي العلاء قد تركت أثرھا في شعر عمر الخیام.

- إن من الشعراء الفرس من وھب نفسه للأدب العربي في أحضانه كبشار وأبي النواس والھمذاني، ومنھم من جلس على الكرسیین كابي الفتح البستي والطغرائي وخاقاني الشیرواني. وظل شعراء الفرس بعد ظھور الشعر الفارسي على المسرح متمسكین بالشعر العربي یرون فیه حلیة لأنفسھم ومجالا كفخر الشاعر على الآخر،وبلغ قمة التأثير العربي في الشاعر الفارسي "موجهري'،و اشتھر بذلك حتى أنه كان یورد ألفاظا وتراكیب عربیة في شعره قد تقع من الفرس موقع الغرابة

الشعر القصصي

- تأثر الفرس بالعرب فنقلوا كثيرا من قصصهم القديمة وقصصهم الإسلامية، ولكنهم فاقوا العرب في شعرهم القصصي، فطالت بعض قصصهم، وتداخل بعضها في بعض، وتولد بعضها من بعض. "

- من قصصهم التاريخية "الشاهنامة" التي نظمها "الفردوسي" في نحو خمسة وخمسين ألف بيت من البحر المتقارب، في تاريخ الفرس القدماء وأساطيرهم حتى نهاية الدولة الساسانية والفتح العربي،فكانت مصبوغة بالصبغة الإسلامية العربية في كثير من مظاهرها

- كما صار الهدهد شخصية قصصية لا تقل وضوحا عن الخضر وذي القرنين

- ومن قصصهم الغرامية يوسف وزليخا للفردوسي،ويوسف وزليخا للجامي، وخسرو وشيرين (كسرى أبرويز وخطيبته شيرين) وليلى والمجنون التي نظمها الشعراء نظامي وخسرو الدهلوي والجامي ومكتبي الشيرازي ونامي. (5)[4]

النثر القصصي

بفضل الترجمة وجد النثر الفارسي واتبع في تطوره تطور النثر العربي في نفس المراحل التي مر بھا.بل أن العربیة قد حافظت على ھذا التراث الفارسي الذي ترجم إلیھا وقد قام الفرس بترجمته مرة أخرى إلى لغتھم، كما فعلوا عندما ترجموا كلیلة ودمنة إلى الفارسیة ، بعد أن نقله ابن المقفع من الفھلویة إلى العربیة بعد أن نقل من الهندية،ولما ضاع الأصل الفارسي صارت الترجمة العربية الأصل،وتصرف ابن المقفع في أسلوب السرد ومعانيه بما يتوافق والذوق العربي،وأشهر من ترجمها إلى الفارسية 'أبو المعاني نصر الله' (6)[5]،وترجم نثرا في عهد الأمير 'نصر بن أحمد السلماني' ،ثم نظمه شعرا أبو جعفر الرودكي في أوائل القرن الرابع.

- وفي القصص استمدّ الفرس من التاريخ العربي والإسلامي ومن الشخصيات العربية الإسلامية، وكانت قصصهم تمثل شخصيات عربية خالصة منها حكايات "حاتم الطائي" وحكايات وتمثيليات تعرّضت لعدل عمر بن عبد العزيز وجور الحجّاج، وحكايات تعرض صورا من حياة الرشيد والمأمون والمتوكّل، كما ترجموا حكايات عربية إلى الفا رسية مثل حكاية الفرج بعد الشدّة. (7)[6]

  1. 2

    حسين نصار: نشأة الكتابة الفنية في الأدب العربي، مكتبة الثقافة الدينية، ط 1، القاهرة 2002 م، ص 65.

  2. 3

    أحمد محمد الحوفي: تيارات ثقافية بين العرب والفرس، دار نهضة مصر، ط 3، القاهرة 1978 م،ص 281-282.

  3. 4

    حسين مجيب المصري:صلات بين العرب والفرس والترك، الدار الثقافية، ط 1، القاهرة 2001 م،ص 202.

  4. 5

    أمين عبد المجيد بدوي: القصة في الأدب الفارسي، دار النهضة العربية، بيروت 1981 ، ص 286-297.

  5. 6

    حسين جمعة:مرايا للالتقاء والارتقاء بين الأدبين العربي والفارسي،منشورات اتحاد الكتاب العرب،دمشق،2006،ص 16.

  6. 7

    أمين عبد المجيد بدوي: القصة في الأدب الفارسي، دار النهضة العربية، بيروت 1981 م، ص 295-298.

سابقسابقمواليموالي
استقبالاستقبالاطبعاطبع الأستاذة رحايلي راوية إسناد - استعمال غير تجاريتم إنجازه بواسطة سيناري (نافذة جديدة)